قال النعم ميارة إن إصرار المملكة المغربية على المزيد من الصداقة والتعاون جنوب – جنوب "نابع من قناعات أصيلة وراسخة لدى كافة مكونات الشعب المغربي لما لهذا التعاون من أهمية قصوى في تعزيز الحوار والتضامن وتحقيق التنمية".
وأضاف ميارة، خلال كلمته في أشغال الجمعية العامة لبرلمان أمريكا اللاتينية والكراييل، يوم السبت 19 ماي ببنما، أن انضمام البرلمان المغربي لهذا التكتل الإقليمي الهام "قد جاء تجسيدا لقناعة المغرب الراسخة بأهمية الدور الطلائعي الذي تلعبه اليوم التكتلات الإقليمية والجهوية في عالم متنامي التحولات والتغيرات، و هو قبل كل هذا وذاك، قرار ينسجم مع الخيار الاستراتيجي للمغرب تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، بتعزيز التعاون جنوب-جنوب، وهو ما جسدته الزيارة التاريخية للملك لبلدان أمريكا اللاتينية سنة 2004".
فالتعاون جنوب-جنوب، يضيف ميارة "يشكل بعدا محوريا في الرؤية التنموية للملك محمد السادس، وهو ما أكده خلال خطابه في القمة الثالثة لمنتدى الهند و إفريقيا حين شدد على أن "التعاون جنوب-جنوب، ليس مجرد شعار أو ترف سياسي، بل هو ضرورة ملحة تفرضها حدة وحجم التحديات التي تواجه بلداننا، بحيث لا يمكن معها الاعتماد على أشكال التعاون التقليدية، التي أصبحت غير قادرة على الاستجابة للحاجيات المتزايدة لشعوبنا".
كما لفت رئيس مجلس المستشارين إلى أن الاجتماع "ينعقد في ظروف دولية صعبة واستثنائية، جراء التبعات السلبية لجائحة كوفيد 19 على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، وهي في الحقيقة تداعيات يمكن اعتبارها إضافة وانعكاسا لاختلالات بنيوية سابقة، تمتد من مخلفات قيود الاستعمار واستنزاف الثروات، إلى تجليات منظومة العلاقات الدولية الغير عادلة".
واعتبر المتحدث أن هذه التحديات والرهانات المشتركة "تجعلنا من وحدتنا وتعاوننا ضرورة حتمية من أجل جعل صوت شعوبنا صوتا مسموعا لدى المنتظم الدولي، خاصة في ظل ما تزخر به مناطقنا من مؤهلات واعدة مسنودة بتاريخ وموروث مشترك وبقيم وروابط انسانية متينة".
فعلى المستوى الاقتصادي، أبرز ميارة أن إفريقيا وأمريكا اللاتينية تمتلكان إمكانيات اقتصادية وديموغرافية وطبيعية هائلة، تشكلان عوامل هامة للتموقع الإيجابي في النظام العالمي الجديد لما بعد كوفيد 19، "كما أن مسارات التعافي والتنشيط الاقتصادي المبنية على التعاون والثقة والتكامل، كلها مؤشرات ومعطيات تؤكد أن التعاون بين بلداننا سيمكننا جميعا من الطاقات الكبيرة المشتركة من أجل المضي قدما في ترسيخ آليات شراكة تضامنية مربحة تتيح أزيد من مليار و900 مليون مستهلك بآفاق تجارية واقتصادية كبيرة وواعدة كفيلة بإنضاج شروط إنشاء شراكة نموذجية قائمة على مبدأ رابح رابح بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية والكراييب" بتعبيره.
وأضاف أنه، على المستوى السوسيو ثقافي، "فإن المنطقتين الإفريقية والأمريكو لاتينية، تجمعهما روابط وقيم وقواسم مشتركة، شكلت أساس العلاقات التاريخية بين بلداننا وشعوبنا، حيث ساهمت هجرة العرب والأفارقة إلى منطقة أمريكا اللاتينية في خلق انصهار أثمر تمازجا ثقافيا وإنسانيا أغنى الموروث الحضاري الإنساني، كما لعبت حركات التحرر بالمنطقتين دورا متميزا في دعم الشعوب الإفريقية والعربية والأمريكولاتينية في كفاحها من أجل الاستقلال، وهذه الاعتبارات مجتمعة، تشكل ولا شك الدعامة والأساس القيمي لمسار علاقات التعاون التي تجمعنا، والنواة الصلبة لصمود علاقاتنا أمام كل الصعوبات والتحولات مهما كانت المتغيرات والتحولات والسياقات التي قد تفرضها".
يذكر أن ميارة كان قد دشن، مساء أمس الخميس، الفضاء الموسع لمكتبة "الملك محمد السادس"، رفقة رئيسة ال"بارلاتينو"، سيلفيا ديل روساريو جياكوبو، والسيدة الأولى لجمهورية بنما، يازمين كولون دي كورتيزو، بمقر برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب (بارلاتينو) في مدينة بنما.